الساعة الان

08:02 م

logo
حوكمةُ الاستعداد الانتخابي..  تفاعلُ ادوار المؤسسات القضائية والرقابية تعزيزٌ لثقة الناخب

حوكمةُ الاستعداد الانتخابي.. تفاعلُ ادوار المؤسسات القضائية والرقابية تعزيزٌ لثقة الناخب

حوكمةُ الاستعداد الانتخابي..  تفاعلُ ادوار المؤسسات القضائية والرقابية تعزيزٌ لثقة الناخب

مراصد

23‏/8‏/2025، 9:26:59 ص

في إطار استعدادات العراق للانتخابات البرلمانية المقررة في 11 تشرين الثاني 2025، تتضافر جهود مجلس القضاء الأعلى مع ثلاث مؤسسات رئيسية لضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية: المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، هيئة النزاهة الاتحادية، وهيئة المساءلة والعدالة.

 

ويشكل تفاعل مجلس القضاء الأعلى مع الهيئات المستقلة في إطار التحضير للانتخابات المقبلة منظومة متكاملة لضمان النزاهة والشفافية وتعزيز الثقة الشعبية غير أن التحدي الأكبر يبقى في التنفيذ العملي، ومدى القدرة على مواجهة الضغوط السياسية، وتوسيع المشاركة المجتمعية في الرقابة، فنجاح هذه المؤسسات في تطبيق ما أعلنت عنه بصرامة، تجعل الانتخابات المقبلة، خطوة مهمة لتعزيز ثقة الناخب بالنظام السياسي وترسيخ مبادئ الحكم الرشيد في العراق.

 

▪︎ استبعاد مرشحين

قدمت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، السبت 16 آب 2025، آخر إحصائية رسمية بعدد المستبعدين من الانتخابات التشريعية المقبلة، فيما أوضحت بشأن قوائم المساءلة والعدالة التي ضمت 404 أشخاص، ونشرت الأحد 17 آب 2025، أسماء 253 مستبعدا من الانتخابات المقبلة، وقالت في ايجاز رسمي" تم استبعاد 88 مرشحاً بسبب قيود جنائية، واستبعاد 4 مرشحين اخرين بسبب تقديمهم وثائق مزورة". واضافت، "تم استبعاد واستبدال 97 مرشحاً، بسبب نقص وثائق وشروط الترشيح والشهادات والكوتا". وقال رئيس الفريق الإعلامي في المفوضية عماد جميل، في حوار صحفي، ان المفوضية استبعدت واستبدلت ما يقارب 97 مرشحاً لعدم اكتمال شروط الترشيح، قبل أن نرسل القائمة النهائية من الأسماء للتحقق. وأضاف "بدأت تردنا الردود من وزارة الداخلية مديرية التسجيل الجنائي بوجود قيود جنائية لبعض المرشحين، ولاحظت اليوم ان هناك قراراً من مجلس المفوضين باستبعاد 65 مرشحاً وهناك قرار آخر باستبعاد 25 مرشحاً، هذه الاستبعادات بعد أن تُنشر على موقع المفوضية، فللمتضررين الحق بتقديم طعنٍ للهيئة القضائية خلال 3 أيام بعد صدور هذه القرارات أو نشرها على موقعهم الإلكتروني. مؤكدا على ان الموضوع ليس بخانة المفوضية، المفوضية فقط تُرسل الأسماء وتأتي الإجابات بالاستبعاد أو القبول، مشيرا الى ان جميع من شُمل بالعفو غير مسموح له الترشح للانتخابات. وتعتبر المادة 7 ثالثاً من قانون الانتخابات رقم 12 لسنة 2018 ويتعلق بالسيرة والسلوك والفساد الإداري والمالي والجنح المخلة بالشرف، كذلك تم استبعاد بعض مزوري الشهادات وننتظر ردوداً من وزارة التعليم. ويقول جميل ان المفوضية تطبق القرارات التي تأتيها من الجهات المعنية وتلتزم بالردود من هذه الجهات، أما القرارات بالاستبعاد فهي من الهيئة القضائية وهي ملزمة للمفوضية، موضحا "هناك 7888 مرشحا ومرشحة وهذا العدد يحتاج إلى وقت، وفي المرحلة المقبلة ستصلنا أسماء من هيئة المساءلة والعدالة ووزارة التعليم والنزاهة والتربية والجهات الأخرى." ولفت الى ان مجلس المفوضين الحالي يختلف عن مجالس المفوضين السابقين، في السابق كان يتم اختيارهم من قبل البرلمان، أما المجلس الحالي فقد اختاره مجلس القضاء الأعلى حيث تغيّر وضع المفوضية بالكامل.

 

aaa84eca-4b23-4eff-b9bb-680d4b419525.webp

 

▪︎ مجلس القضاء الاعلى

مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، برز موقف مجلس القضاء الأعلى كعامل حاسم في ضمان نزاهة العملية الانتخابية ومنع الممارسات غير القانونية التي قد تؤثر على شفافيتها، فقد كثف المجلس خلال الأشهر الماضية من اجتماعاته مع الهيئات القضائية، وهيئة النزاهة، وهيئة المساءلة والعدالة، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، لتنسيق الجهود ووضع آليات عملية تضمن انتخابات نزيهة، شفافة، وملتزمة بالقانون.
أولاً- الاجتماعات التنسيقية : عقد المجلس عدة اجتماعات بحضور رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان ونواب رئيس محكمة التمييز الاتحادية، إلى جانب مسؤولي الهيئات القضائية المختصة وهيئة النزاهة وهيئة المساءلة والعدالة ومفوضية الانتخابات. تم الاتفاق على العمل تحت شعار: "منع وصول السيئين إلى قبة البرلمان"، بما يعكس توجهًا حازمًا لتطهير العملية الانتخابية من أي ممارسات غير قانونية.
ثانياً- مكافحة المال السياسي : شدد المجلس على ضرورة معالجة ظاهرة استخدام المال السياسي بشكل مخالف للقانون من قبل بعض الأحزاب والمرشحين، مؤكدا على أن أي ممارسة من هذا النوع ستواجه بإجراءات قانونية صارمة لضمان المساواة بين جميع المرشحين.
ثالثاً- ضبط الخطاب الانتخابي : أصدر المجلس بيانات متكررة تحذر المرشحين من استخدام لغة مسيئة أو تحريضية خلال الحملات الانتخابية، موضحا أن التصريحات التي تتضمن إساءة للمرشحين الآخرين، أو تحريضًا يهدد السلم المجتمعي، تُعد مخالفة للدستور والقوانين وقد تؤدي إلى حرمان المخالفين من الترشح، ودعا المجلس جميع المرشحين والأحزاب إلى ضبط خطابهم الإعلامي والتركيز على عرض البرامج الانتخابية بدل تبادل الاتهامات.
رابعاً- تطبيق قانون المساءلة والعدالة : أكد المجلس على التطبيق الدقيق لقانون المساءلة والعدالة، بما يمنع وصول المرتبطين بحزب البعث المنحل إلى البرلمان، وشدد على ضرورة أن تكون إجراءات الهيئة شفافة وبعيدة عن التسييس، مع رفض استغلال هذا الملف لأغراض انتخابية أو شخصية.
خامساً- النزاهة والرقابة القضائية : أوضح المجلس أن جميع الإجراءات المرتبطة بالانتخابات، سواء ما يتعلق بالطعون في قرارات المفوضية أو المساءلة والعدالة، ستكون تحت رقابة قضائية مباشرة. 
كما تم التأكيد على التعاون الوثيق بين السلطة القضائية وهيئة النزاهة والمفوضية العليا للانتخابات لمواجهة أي خروقات محتملة.

 

1afc8db0-28e6-4191-934c-ece8e255656e.webp

 

▪︎ هيئة النزاهة والمعايير الدولية
 
سبق لـ " مراصد " ان نشرت تقريرا مفصلا عن معايير الشفافية الدولية في مراقبة المال السياسي في الانتخابات، من خلال متابعة الإجراءات الأخيرة التي قامت بها هيئة النزاهة الاتحادية، يبدو من الممكن اليوم مقارنة إجراءاتها بتلك المعايير من خلال الاتي:
أولاً- استغلال المال العام والمال السياسي : تواكب هيئة النزاهة متطلبات الاتفاقية الدولية عبر ضبط التمويل الانتخابي، وتحتاج الى تعزيز آليات الإفصاح العلني والرقابة المجتمعية على مصادر تمويل الأحزاب، فقد شددت على حظر استغلال موارد الدولة والمال العام في الحملات الانتخابية، ومنعت استخدام المؤسسات الرسمية أو النفوذ السياسي للدعاية. كما خصصت خطًا ساخنًا لتلقي الشكاوى حول شراء الأصوات. في استجابة لما ورد في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (المادة 7) التي تدعو الدول إلى تعزيز نظم تمويل الحملات الانتخابية، ومنع إساءة استخدام الموارد العامة، وضمان الشفافية في تمويل الأحزاب السياسية، وتعتبر الشفافية الدولية أن أكبر تهديد لنزاهة الانتخابات هو "المال السياسي غير المشروع"، وتوصي بالكشف العلني عن مصادر التمويل والحد من النفوذ المالي في السياسة.
ثانياً- ضبط سلوك الموظفين العموميين : إصدار لائحة السلوك يمثل انسجامًا مباشرا مع الاتفاقية والمعايير الدولية، والتحدي يكمن في التطبيق العملي والرقابة على التزام الموظفين بها، فقد أصدرت هيئة النزاهة لائحة السلوك الوظيفي رقم (1) لسنة 2025 لتنظيم سلوك الموظفين خلال الموسم الانتخابي، ومنعت استغلال الوظيفة أو الصفة الرسمية لأغراض انتخابية. وتشدد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (المادة 7/فقرة 4 + المادة 8) على ضرورة وضع مدونات سلوك للموظفين العموميين لمنع تضارب المصالح واستغلال المناصب، فيما توصي الشفافية الدولية بتبني "مدونات سلوك" صارمة تُطبق بفاعلية، مع وجود عقوبات رادعة في حالة مخالفتها.
ثالثاً- التنسيق المؤسسي والرقابة المتبادلة : عززت هيئة النزاهة التنسيق، لكن المعايير الدولية تدعو إلى استقلالية أكبر للهيئات الرقابية عن النفوذ السياسي، وهو ما يُشكل تحديًا في الواقع العراقي، فقد عملت مع مجلس القضاء الأعلى، المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهيئة المساءلة والعدالة، فضلاً عن الوزارات والأجهزة الأمنية، لتأمين نزاهة الانتخابات.
وتوصي(المواد 5 و36) في اتفاقية الأمم المتحدة بإنشاء هيئات مستقلة ومتعاونة فيما بينها، وتؤكد على استقلال السلطة القضائية وأجهزة مكافحة الفساد، وترى الشفافية الدولية أن التعاون المؤسسي شرط أساسي لتجنب تضارب الصلاحيات وضمان الفاعلية في مواجهة الفساد الانتخابي.
رابعاً- المشاركة المجتمعية والشفافية العامة : وفرت الهيئة آلية إبلاغ (الخط الساخن)، كما نظمت ورش عمل وندوات للتوعية، وشجعت المواطنين على الإبلاغ عن الخروقات عبر خط ساخن. وتنص (المادة 13) من اتفاقية مكافحة الفساد على إشراك المجتمع المدني ووسائل الإعلام في مكافحة الفساد، وتوفير قنوات تبليغ آمنة وسرية، وتعتبر الشفافية الدولية إشراك المجتمع المدني والصحافة الاستقصائية ركيزة لضمان نزاهة الانتخابات.
خامساً-  المساءلة والعقوبات : طبقت الهيئة المعايير القانونية، لكن ينقصها جانب الإفصاح العلني عن نتائج التحقيقات لتعزيز ثقة الجمهور من خلال التأكيد أنها ستتصدى بحزم لشراء الأصوات والتلاعب بالوثائق الرسمية، وستلاحق المتورطين قضائياً، وهذا يتطابق مع نص(المادة 30 و31) من اتفاقية مكافحة الفساد التي توصي بفرض عقوبات جنائية وإجراءات رادعة ضد جرائم الفساد السياسي والانتخابي، وترى الشفافية الدولية أن الردع الفعّال يتحقق عبر مساءلة علنية للمرتكبين، مع إعلان الأحكام والإجراءات للرأي العام.

 

1856335186.jpeg


وفق هذا المنظور، معظم إجراءات هيئة النزاهة الاتحادية تتماشى مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ومعايير الشفافية الدولية، خصوصًا في ضبط سلوك الموظفين، ومنع استغلال المال العام، وتعزيز التنسيق المؤسسي. وهناك تحديات واقعية تتطلب تعزيز الإفصاح العلني عن تمويل الحملات والنتائج الرقابية من خلال توسيع مشاركة المجتمع المدني والإعلام في الرقابة وضمان الاستقلال التام للهيئات الرقابية عن التأثيرات السياسية، إذا طُبقت الإجراءات بصرامة وبمشاركة فاعلة من القضاء والمجتمع، يمكن للانتخابات المقبلة أن تمثل نقطة تحول لتعزيز النزاهة والثقة بالنظام السياسي.

 

▪︎ مواقف واراء 

يقول النائب محمد جاسم الخفاجي إن "مجلس القضاء الأعلى لطالما مثل لحظة اطمئنان في خضم أجواء القلق والتهديدات التي تعصف بالمنطقة والعراق على حد سواء، فإن المجلس دأب على التدخل الحكيم في الأوقات المفصلية، متبنّيًا نهجًا ثابتًا في الحفاظ على النظام والقانون". من جهته، ثمن نائب رئيس لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام النيابية عارف الحمامي، الخطوة التي اتخذها مجلس القضاء الأعلى ورئيسه القاضي فائق زيدان باتجاه اتخاذ التدابير الكفيلة بالحفاظ على الأمن الداخلي للبلاد، في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة. وأكد الحمامي، في تصريح صحفي أن "من أبرز أولويات الاجتماع التأكيد على ضرورة محاسبة ومعاقبة كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن البلاد أو التورط في أعمال تخريبية أو نشر الشائعات التي تهدد السلم الأهلي والمجتمعي".
من جانبه، أكد الناشط في مجال مكافحة الفساد، سعيد ياسين، أن "المفوضية العليا للانتخابات تلتزم بتنفيذ القانون بدقة من خلال فرز المرشحين والتأكد من عدم شمولهم بأحكام جنائية أو جرائم مخلّة بالشرف، إضافة إلى الالتزام بشروط حسن السيرة والسلوك وعدم الخضوع للقيود الدستورية الخاصة بالمساءلة والعدالة". وأوضح أن "المفوضية تعتمد في فرزها على سجلات وملفات ثابتة، مع إتاحة حق الاعتراض للمتضررين". وأشار ياسين إلى "وجود لائحة سلوك وقواعد خاصة بين هيئة النزاهة والمفوضية، إضافة إلى تعاون مستمر مع هيئة المساءلة والعدالة ومجلس القضاء الأعلى، فضلاً عن الجهات الأمنية المختصة بالقيود الجنائية في وزارة الداخلية". وأكد أن "منظومة متكاملة تضم الإعلام الرسمي، مثل (شبكة الإعلام العراقي) و(هيئة الإعلام والاتصالات)، تعمل على رفع الوعي وتعزيز الشفافية لترسيخ ثقة الجمهور بالعملية الانتخابية".
ويشير الخبير القانوني، سعد الراوي، إلى أن "نزاهة الانتخابات مسؤولية الجميع، وتحتاج إلى منظومة واضحة ومراقبة مهنية من بداية صياغة القوانين وحتى التنفيذ"، ويؤكد "ضرورة مراجعة تقارير المنظمات المحلية والدولية لمعالجة أي ثغرات قانونية". وشدد الراوي على أهمية "ترسيخ ثقافة ديمقراطية عالية بين الجمهور والمرشحين، مع التأكيد على أن لا أحد فوق القانون. ويبرز ضرورة توجيه التصويت لأحزاب تحمل مشاريع وطنية إصلاحية بعيداً عن الانتماءات الطائفية أو العشائرية".

جميع الحقوق محفوظة | © 2024 مراصد

برمجة وتطويرID8 Media