الساعة الان

08:25 م

logo
انخفاض معدل الفقر في العراق...  تحليل متعدد الأبعاد لتقييم فعالية برامج الحكومة

انخفاض معدل الفقر في العراق... تحليل متعدد الأبعاد لتقييم فعالية برامج الحكومة

انخفاض معدل الفقر في العراق...  تحليل متعدد الأبعاد لتقييم فعالية برامج الحكومة

مراصد

7‏/9‏/2025، 11:47:16 ص

الفقر، حالة اقتصادية واجتماعية تشير إلى نقص الموارد الأساسية التي يحتاجها الإنسان لتأمين مستوى حياة لائق، سواء كان ذلك من حيث الدخل، الغذاء، السكن، التعليم، أو الصحة، يمكن تقسيم الفقر إلى الفقر المطلق ويشير إلى عدم القدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية للبقاء على قيد الحياة، مثل الغذاء والمأوى والرعاية الصحية، اما الفقر النسبي فيعكس الحالة التي يكون فيها دخل الفرد أو مستوى معيشته أقل بكثير من متوسط مستوى المجتمع الذي يعيش فيه، وبالتالي يحد من مشاركته الكاملة في الحياة ،يضاف الى ذلك الفقر متعدد الأبعاد ويشمل الفقر المادي والمعيشي معا، ويأخذ بعين الاعتبار عدة أبعاد: التعليم، الصحة، نوعية الحياة، الخدمات الأساسية، والمشاركة الاجتماعية.


وعرف العالم عبر منظمات دولية عدد من وسائل قياس الفقر، منها الفقر النقدي ،المستند إلى الدخل الشخصي ، إذا كان دخل الفرد أقل من خط الفقر المحدد (مثل 1.90 دولار يوميا حسب البنك الدولي)، يعتبر فقيرا، ومؤشر الفقر المطلق في نسبة السكان تحت خط الفقر، وقياس الفقر متعدد الأبعاد  الذي  يقيس الحرمان في عدة أبعاد أساسية، لا يقتصر على الدخل فقط، ويشمل عادة الصحة: مثل سوء التغذية، ارتفاع معدل الوفيات، والتعليم، مثل مستوى الأمية، سنوات الدراسة، والمعيشة، مثل نقص المياه النظيفة، الكهرباء، السكن الملائم، وسائل النقل، والملابس.

 

▪︎ مسح الفقر 2023-2024 

شهدت نسبة الفقر في العراق انخفاضًا من 23% إلى 17.5% في عام 2025، وفقا لنتائج المسح الاجتماعي والاقتصادي الأخير لوزارة التخطيط، بما يعادل 8 ملايين مواطن عراقي، جاء هذا التراجع كنتيجة لجهود حكومية وبرامج مستمرة تهدف إلى تحسين مستوى الدخل وخفض معدلات الفقر، على الرغم من أن نسب الفقر تظل متفاوتة بين المحافظات، تم تنفيذه من قبل هيأة الإحصاء ونظم المعلومات الجغرافية (الجهاز المركزي للإحصاء سابقا) في وزارة التخطيط، بالتعاون مع هيئة إحصاء إقليم كردستان وبدعم من البنك الدولي، يعتبر من أهم مصدر للبيانات الاجتماعية والاقتصادية على مستوى الأسرة في العراق، فهو الأساس لتحديث خط الفقر، وفهم أنماط الإنفاق، ورسم السياسات العامة، قام بالعمل 182 باحثاً، جمعوا البيانات لمدة 12 شهرا، مقسمة إلى 24 موجة عمل، وكان حجم العينة"24,048 أسرة" في جميع محافظات العراق. 

 

1747830807_kurdistan24.jpg

 

حصلت "مراصد" على  نسخة ايجازه ، يوفر هذا المسح  بيانات دقيقة وشاملة تساعد في تحديث مؤشرات الفقر (خط الفقر، نسبة الفقر، فجوة الفقر وشدته)،وتحديدها في المحافظات والأقضية من خلال قياس الواقع الاجتماعي (التعليم، الصحة، السكن) وقياس الواقع الاقتصادي (الدخل، الإنفاق، العمل) بما يؤكد ان التركيبة السكانية الشابة تضغط على سوق العمل والخدمات التعليمية والصحية، حيث  يمتلك 77.6% من الأسر مساكنهم  فيما يعيش 5.2% منهم في سكن عشوائي، فيما أظهرت النتائج  ارتفاع الاكتظاظ خاصة في كربلاء (40.9%) مقابل المثنى (22.3%) يعكس تفاوتا إقليميا. وكان متوسط إنفاق الفرد (248.6 ألاف دينار) شهريا، فيما معدل خط الفقر الوطني (136.6 ألاف دينار) وهذا بالمحصلة يظهر ان نسبة الفقر: 17.5% على المستوى الوطني، الأعلى في المثنى 43.6%، ثم بابل 34.4%.، فيما الأدنى في السليمانية 7.9%، وأربيل 5.9%. 
وما زالت البطاقة التموينية عنصرا أساسيا في الأمن الغذائي، حيث يمتلك 96.4% من الأسر بطاقة تموينية، لكن معدل النشاط الاقتصادي (15 سنة فأكثر): 38.1%. ، ومعدل البطالة، 13.5% (أعلى في المثنى 23.1%)، وأغلب العاملين في القطاع العام (19.3%) أو التجارة والخدمات البسيطة. في الجانب الصحي، أظهرت نتائج الإحصاء ان 15.2% من السكان يعانون أمراضًا مزمنة (أكثرها ارتفاع ضغط الدم والسكري)، منهم ذوو الإعاقة: 11.7% من السكان (أعلى نسبة في دهوك 22.1%). ولم تكن نسبة الزراعة والمشاريع الأسرية كبيرة فقط 7.3% فقط من الأسر لديها حيازة زراعية، وهناك 12.1% لديها مشاريع صغيرة (غالبًا تجارة غذائية) تأثرت 17.4% من الأسر بارتفاع أسعار الغذاء، و5% تأثرت بالجفاف، خاصة في ميسان والقادسية وبابل، فيما تعرضت 11.4% لحوادث جنائية (اعتداء، تخريب). وفي الرضا بالحياة، هناك النسبة الأكبر 91% راضون عن الغذاء، 81.2% عن السكن، فقط 70% راضون عن الدخل، و33% غير راضين عن العمل، مقابل 92.8% يرون الفساد مشكلة خطيرة.
هذا التحليل يوضح أن مكافحة الفقر في العراق تتطلب برامج متعددة الأبعاد تتجاوز الدعم النقدي لتشمل: تحسين السكن، تطوير التعليم والصحة، تنويع الاقتصاد، إصلاح البطاقة التموينية، ومعالجة الفساد.

 

▪︎ الموقف الحكومي

كشف دليل الفقر متعدد الأبعاد لعام 2024 أن السكان الفقراء يعانون من حرمان بنسبة 10.8% من إجمالي أوجه الحرمان، ويتركز هذا الحرمان بشكل خاص في مجالات التعليم والسكن والوصول إلى الخدمات الرقمية. ومع ذلك، يشير التقرير إلى تقدم ملحوظ، بما في ذلك انخفاض يقارب 50% في مؤشر الفقر متعدد الأبعاد الوطني منذ عام 2011، بالتوازي مع استمرار انخفاض فقر الدخل الذي يبلغ حالياً 17.5%. وقال محمد تميم، نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط العراقي، "إن هذا التقرير أكثر من مجرد أرقام؛ إنه أداة سياساتية تُطلعنا على الفئات الهشة وسبل دعمها، سيسهم هذا التقرير بشكل مباشر في تشخيص الحاجات الأساسية وتحسين أوضاع المواطنين في المحافظات، استناداً إلى الأولويات التي عكستها البيانات مكانياً وقطاعياً، ومع انخفاض قيمة دليل الفقر متعدد الأبعاد من 11.4% عام 2018 إلى 10.8% عام 2024، فإننا عازمون على تبني سياسات وخطط لتخفيض هذا المؤشر بشكل مستمر." وأضاف تميم أن مؤشر الفقر متعدد الأبعاد يكشف تفاوتات رئيسية غالباً ما تُغفل في إحصاءات الفقر التقليدية، سواء على مستوى المحافظات أو القطاعات، حيث توصل التقرير إلى أدلة تفصيلية عن مستويات الحرمان في كل محافظة إزاء قضايا التعليم والصحة والمستوى المعيشي.

 

Doc-P-520511-638785933842285869.jpg

 

▪︎ إشادة أممية

بدوره، أشار السيد ساشا كغاومان، نائب الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق، إلى تحقيق "مكاسب مهمة"، مؤكداً أن البيانات "تُبين أيضاً أين يجب أن نركز جهودنا المشتركة. ففي الوقت الذي أظهرت بعض المحافظات، مثل كركوك وبغداد، نتائج مشجعة، لا تزال محافظات أخرى، مثل المثنى وميسان وصلاح الدين، تواجه مستويات أعلى نسبياً من الحرمان في بعض الأبعاد. ومع بدء انخفاض نسبة الفقر المادي، أصبح الوقت مناسباً لضمان عدم تخلف أي منطقة، أو أي امرأة، أو أي مجتمع عن الركب." واعتبر المتحدث الرسمي لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، حسن خوام، أن هذا التراجع "يعكس جهوداً متواصلة وسياسات فعّالة نفذتها هيئة الحماية الاجتماعية، بالتنسيق مع وزارة التخطيط ومؤسسات الدولة الأخرى". وأضاف أن "الوزارة عملت على توسيع الشمول ضمن شبكة الحماية الاجتماعية، وتحديث بيانات المستفيدين وفق خريطة الفقر التي أعدتها وزارة التخطيط، الأمر الذي مكّن من توجيه الدعم نحو الفئات الأكثر احتياجاً، لا سيما في المحافظات التي كانت تسجل نسباً مرتفعة من الفقر مثل المثنى والديوانية وميسان".

 

▪︎ سياسات ناجحة

في ذات الإطار، يرى المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أن هذه الأرقام تمثل "قفزة إيجابية"، مؤكداً في تصريح صحفي أن السياسات الحكومية نجحت في وضع الفئات الفقيرة والمهمشة على خط الفقر بنسب متسارعة، عبر برامج الحماية الاجتماعية التي تشمل حالياً أكثر من 2.1 مليون أسرة و3.7 مليون طفل و2.3 مليون طالب، إضافة إلى 147 مليون سلة غذائية وزعت لدعم الأمن الغذائي. لكن هذا التراجع لا يعني القضاء على الفقر، بحسب صالح، الذي أقر بأن تداعيات الإرهاب والنزوح وتوقف الأنشطة الاقتصادية في فترات سابقة لا تزال تلقي بظلالها على جهود الحد من الفقر، مؤكداً أن إعادة دمج العوائل النازحة وتمكينها اقتصادياً يمثل السبيل الأمثل للتخلص من بقايا الفقر.

 

المسح-الاقتصادي-والاجتماعي-للأسرة.jpeg

 

▪︎ مؤشرات مقارنة 

في التحليل المقارن ما بين هذه النتائج والبرنامج الحكومي، تظهر مؤشرات واضحة بين الطموحات المعلنة والواقع الاقتصادي والهيكلي المُعقد الذي تغذيه أزمة الفقر، بينما يلامس البرنامج معظم جوانب المشكلة بشكل نظري، فإنه يفتقر إلى الوضوح الاستراتيجي وآليات التنفيذ الملموسة والتمويل الكافي لمعالجة جذور الأزمة، خاصة في المدى القصير (2024-2025)، الذي تتوقع فيه جميع المؤشرات استمرار الأزمة بل وتفاقمها، حيث يعد "تحدي الفقر" منطلقا في المقارنة  التي تبدأ بواقع  الأزمة المناخية والجفاف (المحرك الرئيسي للفقر الريفي)" مقابل  ما ورد في البرنامج الحكومي للحفاظ على "المكتسبات المائية" مما يظهر فجوة في "النهوض بالواقع الزراعي"، على الرغم من وجود خطط واضحة لطوارئ الجفاف، واستراتيجية للتكيف مع تغير المناخ، ولا مشاريع محددة قيد التنفيذ لإنقاذ المحافظات الجنوبية (كالمثنى وذي قار) التي تصل فيها معدلات الفقر إلى 52%. يتطلب الأمر تحولًا من "التشجيع" إلى "التنفيذ الفوري" لمشاريع الري الحديث وتقنين المحاصيل واستيراد التقنيات المقاومة للجفاف. المؤشر الثاني، آليات إصلاح شبكة الحماية الاجتماعية وتحسين مستوى الخدمات المقدمة ضمن البطاقة التموينية، بعد تفعيل قانون الضمان الاجتماعي من اجل رعاية الفقراء والمحتاجين، الاستمرار في تحسين "البطاقة التموينية" علاج لعارض وليس له تأثير مباشر على الدخل النقدي للأسرة. المؤشر الثالث في معادلة استنزاف الموازنة من خلال إصلاح نظام الدعم واستبداله بالاستثمار وخلق فرص العمل الحقيقية في القطاع الخاص وتقليص البطالة، من خلال وضع آلية لتوجيه الدعم إلى مستحقيه، وتعد خطوات وزارة العمل في هذا السياق نموذجا يتطلب تطويره، بدون هذا الإصلاح، سيستنزف الدعم الموازنة ويحرم القطاعات الإنتاجية من الاستثمار، وهو أمر حاسم لمعالجة الفقر على المدى الطويل. المؤشر الرابع، تنويع الاقتصاد وخلق فرص العمل من خلال دعم القطاعات الإنتاجية وتشجيع القطاع الخاص عبر مشاريع الاستثمار الاستراتيجي، هذه العبارات موجودة في كل البرامج الحكومية، فيما أشار تحليل المسح متعدد الأطراف الى ان التحدي هو الفساد والبيروقراطية التي تقتل أي مشروع استثماري، لذلك لم يظهر حتى الآن أي مشروع استثماري إنتاجي كبير (غير نفطي) قيد التنفيذ يمكنه امتصاص البطالة في المحافظات الفقيرة. المؤشر الخامس، الاستقرار الكلي في سعر الصرف والتضخم، لان تحقيق الاستقرار الاقتصادي ومعالجة التضخم، أحد مظاهر الفجوة في الأدوات، هل عبر تبني سعر صرف مرن؟ أم عبر سياسة نقدية مشددة؟ استقرار سعر الصرف هو أحد أهم العوامل للحد من التضخم المستورد الذي يضر بالفقراء.
المؤشر السادس، في التنمية الإقليمية المتوازنة من اجل تطوير المحافظات، هذه الفجوة في اللامركزية، التي تسعى البرامج الحكومية الاتحادية لحلها، خاصة مُخصصة للمحافظات الأكثر فقرًا للبدء بمشاريع تنموية تلائم ظروفها..

جميع الحقوق محفوظة | © 2024 مراصد

برمجة وتطويرID8 Media